الوقف وعومل معاملة المنقوص فحذف الياء، فيكون فيه إشارة إلى قطب الجدي؛ وهو القطب الشمالي الذي بين الجدي والفرقدين. والجدي: هو النجم الذي إلى جانب القطب، تعرف به القبلة (قوله: واللين) أي وحرفا اللين، وهما: الواو والياء إذا سكنتا وانفتح ما قبلهما؛ سميا بذلك، لما فيهما من اللين القابل لمدهما كما في باب المد.

(واو وياء) سكنا وانفتحا قبلهما والانحراف صحّحا
يعني وحروف الانحراف اللام والراء على الصحيح خلافا لمن جعله اللام فقط؛ سميا لانحرافهما عن مخرجهما حتى اتصلا بمخرج غيرهما، ويقال إن اللام فيها انحراف إلى ناحية طرف اللسان والراء: فيها انحراف قليل إلى ناحية اللام، ولذلك يجعلها الألثغ لاما.
في (اللّام والرّا) وبتكرير جعل وللتّفشّي الشّين ضادا استطل
يعني وجعل في الراء صفة تكرير فهي صفة ذاتية لها؛ فمعنى تكريرها:
ربوها في اللفظ لا إعادتها بعد قطعها هنا، ولذلك يجب أن يتحفظ من إظهار تكريرها لا سيما إذا شددت كما سيأتي النص عليه قريبا، وفي تقديم تكريرها على جعل إشارة إلى أن الراء خص بذلك، فجمع بين الانحراف والتكرير (قوله:
وللتفشي) أي وجعل للتفشي الشين؛ والتفشي هو الانتشار، فسمي الشين بذلك، لأنه انتشر صوتها حتى اتصل بمخرج الظاء، وقوله: ضادا استطل: أي أجعلها مستطيلة، أي موصوفة بالاستطالة، وسمي الضاد مستطيلا، لأنه استطال عن الفم عند النطق حتى اتصل بمخرج اللام وذلك لما فيه من القوة بالجهر والاستعلاء والإطباق.
(ويقرأ القرآن) بالتّحقيق مع حدر وتدوير وكلّ متّبع
لما فرغ من الكلام على مخارج الحروف وصفاتها شرع في بيان كيف يقرأ القرآن، فذكر أنه بالتحقيق وبالحدر والتدوير: أي التوسط بين حالي التحقيق والحدر. والتحقيق: هو المبالغة في الإتيان بالشيء على حقه من غير زيادة فيه ولا نقص منه؛ وهو عند أئمة القراء: إعطاء كل حرف حقه من إشباع المد وتحقيق الهمز وإتمام الحركات وإظهار الحروف وكمال التشديدات وتوفية


الصفحة التالية
Icon