والشروع فيها كان أيضا هناك في مدينة بروصة تحت ملك سلطانها با يزيد ابن الملك مراد ابن الملك أورخان رحمه الله تعالى عند ما توجه إليها لأمر ما ثبتت القراءة، إذ كان هو القائم بغرض الجهاد في هذه الأقطار، فوصلها في أواخر شهر رجب سنة ثمان وتسعين، وحضر معه حصار مدينتي الغلطة وقسطنطينية الكبرى في شوال، ثم حضر معه قتال عساكر الكفر الذين اجتمعوا معه مع ملك الأنكروش برومية الكبرى قاطع البحر الرومي بنحو شهر، والله أعلم.
وقد أجزتها لكلّ مقري | كذا أجزت كلّ من في عصري |
أي أجاز الناظم تقبل الله تعالى منه ورزقه العود إلى حرم الله تعالى وحرم رسوله ﷺ لكل من المقرئين في جميع الأمصار والأعصار أن يروى عنه هذه الأرجوزة ويقريها ويقري بها على رأي من أجاز ذلك، وكذلك أجاز أحسن الله تعالى عاقبته ونفعنا بحياته وعلومه وجمع شملنا وشمله روايتها كل من في عصره إجازة عامة كما لفظ بها مع علمه باختلاف العلماء في جواز الرواية بالإجازة العامة، وأن المختار عندهم وعنده جوازها كما بينه في كتاب البداية مع معالم الرواية، وقد اتفق للناظم أسبغ الله تعالى إنعامه عليه في هذا البيت شيء لطيف، وهو أنّ أجاز يتعدى بنفسه وبحرف الجر فاستعمله أولا باللام وثانيا بغيرها.
رواية بشرطها ليعتبر | وقاله محمّد بن الجزري |
نكر رواية وإن كانت في سياق الإثبات للقرينة الدالة على ذلك، يعني أنه تلفظ بذلك، أي قاله بلفظه لا بمجرد الخط ليكون ذلك بلا خلاف، والله تعالى أعلم.
يرحمه بفضله الرّحمن | فظنّه من جوده الغفران |
أعاد الدعاء لنفسه بالرحمة أيضا وختم الكتاب بذلك كما بدأ به أولا رجاء أن يصادف ساعة إجابة ممن يقرؤها أو يدرسها أو تخرج من قلب صادق مخلص فيفوز بذلك من رحمة الله ويحصل مراده من عفو الله وغفرانه، فلا بغية له سوى ذلك، فطالما سهر الليالي، وجهد نفسه وبذل وسعه في هذا الكتاب وفي أصله، ليقرب على الطالب كل بعيد ويسهل كل عسير ويقوم بما وجب عليه من حق الله