رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.
وأخرج الترمذي، وصححه عن ابن عباس قال: قالت قريش لليهود:
أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل- يريدون النبي ﷺ فقالوا: اسألوه عن الروح، فسألوه، فأنزل الله: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ... [الإسراء: ٨٥] الآية.
فالأولى تدل على أن السائل اليهود، وأن نزولها بالمدينة، والثانية تدل على أن السائل الكفار، وأنها نزلت بمكة، والأولى أرجح لأمرين:
١ - أنها من رواية البخاري، وهي أصح من رواية الترمذي.
٢ - أن الراوي في الأولى، وهو ابن مسعود كان حاضر القصة، ومشاهدا لها، أما الثانية فليس فيها أن الراوي لها- وهو ابن عباس- كان مشاهدا لها، ولا شك أن للمشاهدة قوة في التحمل (١).
الحالة الثالثة:
أن تكون كل من الروايتين أو الروايات صحيحة ولا يمكن الترجيح، ولكن يمكن نزول الآية أو الآيات عقب السببين أو الأسباب، لعدم العلم بالتباعد، فيحمل ذلك على تعدد السبب والمنزل واحد.
مثال ذلك ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة، عن ابن عباس: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي ﷺ بشريك بن سحماء (٢) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «البينة، أو حدّ في ظهرك»، فقال: يا رسول الله إذا وجد أحدنا مع امرأته رجلا، ينطلق يلتمس البينة فجعل النبي ﷺ يقول: «البينة، أو حد في ظهرك»، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن الله ما

(١) يرى ابن كثير الجمع بينهما بتكرر النزول، وكذا قال ابن حجر، وأما الترجيح: فهو رأي السيوطي في الإتقان، وأسباب النزول، انظر: الإتقان ج ١ ص ٣٣ وأسباب النزول للسيوطي على هامش الجلالين، سورة النور.
(٢) سحماء: بالسين ثم الحاء المهملتين: اسم أمه واسم أبيه: عبدة بن مغيث بن الجعد ابن عجلان البلوي حليف الأنصار (الإصابة ج ٢ ص ١٥٢) وقد ذكر في الإتقان: ابن سمحاء- بتقديم الميم- وهو خطأ مطبعي لا محالة.


الصفحة التالية
Icon