يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل، وأنزل الله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ...
فقرأ حتى بلغ: إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١).
وروى مسلم في صحيحه بسنده، عن أنس بن مالك قال: «إن هلال بن أمية، قذف امرأته بشريك بن سحماء، وكان أخا للبراء بن مالك لأمه، وكان أول رجل لا عن في الإسلام.. » الحديث (٢).
وهذه الرواية تدل أيضا- لكن لا بطريق التصريح- على أن الآية نزلت بسبب «هلال».
وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد قال: «جاء (عويمر) إلى عاصم بن عدي فقال: اسأل رسول الله ﷺ أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع به فسأل عاصم رسول الله، فكره رسول الله المسائل، فأخبر عاصم عويمرا، فقال: والله لآتين رسول الله ﷺ فلأسألنه، فأتاه فسأله، فقال: «إنه قد أنزل الله فيك، وفي صاحبتك القرآن... » الحديث.
فهاتان الروايتان صحيحتان، ولا مرجح لأحدهما، ويمكن الجمع بينهما بأن أول من سأل «هلال بن أمية» ثم سأل «عويمر» أيضا قبل الإجابة، فأنزل الله آيات اللعان، إجابة لهما معا.
وهذا التوفيق بين الروايتين أولى من ردهما، إذ لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، أو الأخذ بإحداهما دون الأخرى، لما فيه من الترجيح بلا مرجح وهو غير جائز.
وإلى هذا جنح الإمام النووي، فقال: ويحتمل أنها نزلت فيهما جميعا، فلعلهما سألا في وقتين متقاربين، فنزلت الآية فيهما (٣).
(٢) صحيح مسلم- كتاب اللعان، وانظر شرح مسلم للنووي على هامش شرح القسطلاني للبخاري ج ٦ ص ٣١٤ - ٣٣٣.
(٣) شرح النووي على مسلم ج ١٠ ص ١٢٠.