من عمر وهشام في حديث الباب: أقرأني النبي ﷺ (١).
الشبهة الرابعة:
قالوا: لو كانت الحروف السبعة هي لغات سبع من لغات العرب المشهورة، فكيف اختلفت قراءة عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم- رضي الله عنهما- وهما قرشيان، ولغتهما واحدة
والجواب: أن العبرة في القراءة بالحروف هو السماع من النبي ﷺ لا أن يقرأ كل واحد بهواه، على حسب ما يتسهل له من لغته، وإنكار بعضهم على الآخر لم تكن لأن المنكر سمع ما ليس من لغته فأنكره، وإنما كان لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي ﷺ وجائز جدّا، أن يكون أحدهما سمع من النبي ﷺ حروفا بغير لغة قريش فحفظها، وسمع الآخر حروفا بلغة قريش فحفظها، وثبت كل واحد منهما على ما سمع من النبي، فمن ثم اختلفا مع كونهما قرشيين، وكون بعض الناس يعرف غير لغته الأصلية، ويتسهل له، وينطق بها كما ينطق بها أهلها أمر مشاهد معروف، وهل قال أحد:
إن كل واحد من العرب كان يلتزم القراءة بلغته دون غيرها حتى يستشكل ذلك
ولو كان الأمر كذلك لقال عمر لهشام: لقد قرأت بغير لغة قومك، ولكنه لم يحدث، وإنما أنكر عليه حروفا لم يقرئه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشبهة الخامسة:
كيف تقولون: إن الحرف الذي استقر عليه الأمر آخرا هو حرف قريش مع أن في القرآن كثيرا من الكلمات بغير لغة قريش مثل: الْأَرائِكِ فقد قيل: إنها بلغة اليمن.
ومثل: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أي: أفلم يعلموا بلغة هوازن، ومُراغَماً أي متفسحا بلغة هذيل إلى غير ذلك من الكلمات.

(١) فتح الباري ج ٩ ص ٢٢.


الصفحة التالية
Icon