من بكر؛ لمجاورتهم للقبط والفرس، ولا من عبد قيس، وأزد عمان؛ لأنهم كانوا بالبحرين مخالطين للهند والفرس، ولا من أهل اليمن لمخالطتهم للهند والحبشة ولا من بني حنيفة، وسكان اليمامة، ولا من ثقيف وأهل الطائف لمخالطتهم تجار اليمن المقيمين عندهم، ولا من حاضرة الحجاز؛ لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدءوا ينقلون لغة العرب- قد خالطوا غيرهم من الأمم وفسدت ألسنتهم.
والذي نقل اللغة واللسان العربي عن هؤلاء، وأثبتها في كتاب فصيرها علما وصناعة هم أهل البصرة والكوفة فقط من بين أمصار العرب (١).
القول الرابع
إن الأحرف السبعة هي لغات سبع متفرقة في القرآن كله، وهذه السبع قيل: إنها من لغات العرب كلها، وقيل: من لغات مضر.
وليس معنى هذا القول: أن يكون في المعنى الواحد سبع لغات بألفاظ مختلفة كالرأي السابق، بل هذه اللغات متفرقة في القرآن كله، فبعضه بلغة وبعضه بلغة أخرى، وهكذا... إلى سبع، فيكون المنزل لفظا واحدا لمعنى واحد من لغات متفرقة، وقد استند القائلون بهذا الرأي إلى ما يأتي:
١ - وجود ألفاظ في القرآن المقروء اليوم بغير لغة قريش.
٢ - ما روي عن ابن عباس وعمر- رضي الله عنهما- من عدم فهمهما لبعض الكلمات القرآنية، فقد خفي على ابن عباس معنى قوله تعالى:
فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر، فقال أحدهما:
أنا فطرتها، أي ابتدأتها، فعلم معناها وكذلك خفي عليه معنى: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ حتى سمع بنت ذي يزن تقول:
تعالى أفاتحك، تريد أقاضيك وأخاصمك فعلم معناها، وكذلك خفي على الفاروق معنى تَخَوُّفٍ في قوله: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ والمراد ب «الأب»