ورجح رأي الرازي بعض أجلة العلماء (١)، وبالغ في الانتصار له، وبيّن ما بين رأي الرازي وغيره من الآراء الثلاثة من فروق.
ولكني مع هذا... لم أركن إلى واحد من هذه الآراء، ولا أرى أنها المقصودة بالحديث وأضع بين يدي القارئ هذه النقود.
نقد هذه الآراء
يمكننا إجمال النقد فيما يأتي:
١ - إن القائلين بهذا الرأي- على اختلاف أقوالهم- لم يذكر واحد منهم دليلا، إلا أنه تتبع وجوه الاختلاف في القراءة فوجدها لا تخرج عن سبع.
وهذا التتبع لا يصلح أن يكون دليلا على أن المراد بالأحرف السبعة الوجوه التي يرجع إليها اختلاف القراءات.
ولا يقال: كيف لا يعتبر التتبع، وهو لا يخرج عن كونه استقراء
لأنا نقول: إنه استقراء ناقص، بدليل أن طريق تتبع ابن الجزري مخالف لطريق تتبع ابن قتيبة وابن الطيب والرازي، وليس أدل على ذلك من أن الرازي ذكر الوجه السابع، ولم يذكره واحد من الثلاثة الآخرين، بل برر ابن الجزري إهماله، مما يدل على أنه يمكن الزيادة على سبع، وأن الوجه الأول عند الرازي؛ والثاني والسادس ترجع ثلاثتها إلى الوجه الخامس عند ابن الجزري (٢)، مما يدل على أن هذه الوجوه يمكن أن يتداخل بعضها في بعض، وأن تعينها إنما هو بطريق الاتفاق لا الاستقراء الصحيح.
وعلى هذا يكون الحصر في الوجوه السبعة غير مجزوم به، ولا متعين، فهو مبني على الظن والتخمين.
٢ - إن الغرض من الأحرف السبعة إنما هو رفع الحرج والمشقة عن الأمة، والتيسير والتسهيل عليها، والمشقة غير ظاهرة في إبدال الفعل

(١) مناهل العرفان ج ١ ص ١٣٢.
(٢) القراءات واللهجات ص ١٩.


الصفحة التالية
Icon