قال القاضي عياض- نقلا عن المازري- قال: وقول من قال: المراد خواتيم الآي فيجعل مكان «غفور رحيم» «سميع بصير» فاسد أيضا للإجماع على منع تغيير القرآن للناس (١).
إزالة شبهة في هذا المقام:
فإن قيل: فما تقول فيما ذكره السيوطي في الإتقان (٢)، حيث قال:
وعند أبي داود (٣) عن أبيّ قلت: سميعا عليما، عزيزا حكيما ما لم تخلط آية عذاب برحمة، أو رحمة بعذاب.
وعند أحمد من حديث أبي هريرة: «أنزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما، غفورا رحيما» وعنده أيضا من حديث عمر: «بأن القرآن كله صواب، ما لم تجعل مغفرة عذابا، وعذابا مغفرة» قال: أسانيدها جياد.
قلت في الجواب: إن هذه الروايات مهما بلغت من الجودة في الإسناد- على حسب ما زعم السيوطي- فهي مردودة لمخالفتها لما جاء به القرآن من أنه لا يجوز إبدال كلمة بأخرى، قال تعالى: وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا الآية، وقال تعالى: تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) الآية، ولمخالفتها لما أجمع عليه العلماء، وأجمعت عليه الأمة من أنه لا يجوز وضع فاصلة ولا رأس آية مكان أخرى؛ لأن موافقة أواخر الآيات لصدورها من أسرار إعجاز القرآن الكريم، وهذا النظم الكريم الذي جاء في
(٢) الإتقان ج ١ ص ٤٧.
(٣) في سنن أبي داود باب «أنزل القرآن على سبعة أحرف» قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي أخبرنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد الخزاعي، عن أبيّ بن كعب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبيّ إني أقرئت القرآن- فقيل لي- على حرف أو حرفين» فقال الملك الذي معي: قل على حرفين، «قلت: على حرفين»، فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة فقال الملك الذي معي: على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: «ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: سميعا عليما، عزيزا حكيما ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب».