وأيضا فقد أجمع علماء الأمة على هذا، وإن شذ عن هذا الإجماع مفسر (١)، ونحوي (٢) فاغترا بظاهر الروايات، وهو قول ساقط عن الاعتبار إذا قيس بإجماع العلماء المحققين الجامعين بين المعقول والمنقول.
وكأني بك تقول:
إذا كانت الروايات مصروفة عن ظاهرها لا محالة | فما المراد منها إذا |
١ - إما أن نقول: إن هذه كانت أحرف يقرأ بها، وكانت منزلة من عند الله للتوسعة على العرب في أول الأمر، ثم نسخت فيها نسخ في العرضة الأخيرة التي عرضها جبريل على النبي ﷺ ولم يعلم القارئ بها أنها نسخت.
أو أنها تنوسيت واندثرت فيما تنوسي واندثر من الأحرف الستة، غير حرف قريش الذي جمع عليه عثمان المصاحف وعلى هذا يكون ابن مسعود قد سمع القراءتين عن النبي ﷺ فلما تعذر على الرجل أحدهما أقرأه الأخرى، وكذلك «أنس» سمع كلا من الألفاظ الثلاثة، وأبو سوار الغنوي سمع كلا من اللفظين.
وقد قرأ فحاسوا- بالحاء أبو السّمّال، وطلحة بن مصرف مما يدل على أنها منزلة وليست بالهوى.
٢ - وإما أن نقول: إن ما جاءت به الروايات تفسير وتوضيح للفظ القرآن، فابن مسعود لم يرد إقراء الرجل لفظ القرآن، وإنما أراد توضيح المعنى له؛ كي يكون ذلك وسيلة إلى النطق بالصواب، وهو اللفظ القرآني المتلقى عن الرسول، وذلك أن ابن مسعود بين أمرين، إما أن يدعه يقرأ
(١) هو الزمخشري: انظر تفسير الكشاف ج ٢ ص ٣٦٣، والعجب من مثل الزمخشري أن يقول هذا. تفسير الكشاف عند قوله تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤).
(٢) هو ابن جني، انظر تفسير الفخر الرازي ج ٨ ص ٣٣٧.
(٢) هو ابن جني، انظر تفسير الفخر الرازي ج ٨ ص ٣٣٧.