مكية إلا قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ [سورة هود:
١١٤] الآية فقد صح أنها نزلت بالمدينة في قصة أبي اليسر (١).
وأما المدني الذي بعضه مكي فمثل: سورة الأنفال، فإنها مدنية إلا قوله تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا [سورة الأنفال: ٣٠] الآية فقد روي عن مقاتل أنها مكية واستثني أيضا قوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إلى غاية آية [٣٦] فمكيات (٢).
وقد روي عن ابن عباس أن آية وَإِذْ يَمْكُرُ نزلت على النبي ﷺ بعد قدومه المدينة تذكيرا له بنعمة الله عليه فهي مدنية على هذا.
ومثل سورة «براءة» فهي مدنية إلا قوله: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى [سورة براءة: ١١٣] الآية فالصحيح أنها نزلت في قول النبي لعمه أبي طالب: «لأستغفرن لك ما لم أنه عنك» (٣).
الاعتماد في وصف السورة بكونها مكية أو مدنية
والذي يظهر أن اعتمادهم في وصف السورة بكونها مكية أو مدنية إنما يكون تبعا لما يغلب فيها أو تبعا لفاتحتها، فقد ورد عن ابن عباس: أنه قال إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت مكية ثم يزيد الله فيها ما شاء، وقال البيهقي في الدلائل: في بعض السور التي نزلت بمكة آيات نزلت بالمدينة فألحقت بها وقال ابن الحصار: كل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثناة إلا أن من الناس من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النقل، وقال ابن حجر في الفتح:

قد اعتنى بعض الأئمة ببيان ما نزل من الآيات بالمدينة في السورة المكية وأما عكس ذلك وهو نزول شيء من سورة
(١) أبو اليسر- بفتح الياء المثناة والسين المهملة- اسمه كعب بن عمرو السلمي- بفتح السين واللام- وهو صحابي جليل شهد العقبة وبدرا، وهو الذي أسر العباس بن عبد المطلب، وحديثه مطول، وهو في صحيح مسلم، وكانت وفاته وهو مع أبي الحسن عليّ ب «صفين» سنة خمس وخمسين.
(٢) أسباب النزول للسيوطي ج ١ ص ٧٧ على هامش الجلالين، الإتقان ج ١ ص ١٥.
(٣) أسباب النزول ج ١ ص ٢١٠ هامش.


الصفحة التالية
Icon