وغير إسرائيليّ.
والتشريع الإسرائيلي كان خاصّا بشعب خاص، وموقوتا بوقت خاص فلا يصلح أن يكون أساسا لتشريع عام خالد، وهو تشريع الإسلام الذي انتشل الإنسانية من وهدتها، وأضاء النفوس بعد ظلمتها، وحرر العقول بعد إسارها، وملأ الأرض هداية وعلما، وعدلا ورحمة، بعد أن ملئت كفرا وضلالا وجهلا وظلما وقسوة وتجبرا، وكيف يجوز في العقول أيضا أن يستمد السابقون الأولون من المهاجرين ثقافتهم وتشريعاتهم من اليهود وهم الذين أصلحوا جميع الشعوب بهداية القرآن والتأسي بأكمل الخلق على الإطلاق، وشهدت لهم أعمالهم وأخلاقهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس، وقد أجمع المؤرخون من الإفرنج وغيرهم على أن أعظم أسباب نجاح الإسلام في انتشاره السريع، وفتوحاته المظفرة الكثيرة ما كان عليه أهل الملل كلها من فسوق وفساد، والدول كلها من ظلم واستبداد وإغراق في الملذات.
الشبهة الخامسة
قال: إن القسم المكي يكثر فيه القسم بالضحى، والشمس، والقمر، والنجوم، والفجر، والعصر، والليل، والنهار، والتين، والزيتون، إلى آخر ما هو جدير بالبيئات الساذجة التي تشبه بيئة مكة تأخرا وانحطاطا.
أما القسم الثاني فقد خلا من القسم بهذه المحسوسات، وغرضه تأثر القرآن بالبيئة ليصل إلى التشكيك في القرآن، وهذا الكلام مردود بما يأتي:
١ - دعوى أن البيئة المكية ساذجة جاهلة لا ترقى إلى ما وراء الحس، دعوى لم يقم عليها دليل، ويكذبها الواقع، والتاريخ الصحيح؛ فقد كان أهل مكة أوفى ذوقا، وأرهف شعورا، وأذكى عقولا من أهل المدينة، وأن فيما قصه القرآن عنهم من مجالات وخصومات وما اشتمل عليه القسم المكي من إيجاز وبراهين ما ينقض هذا الاتهام، وكيف يفهم هذه البراهين من لا يسمو نظره عن المحسوسات، والتاريخ الصحيح أعدل حاكم وخير شاهد على امتياز قريش عن سائر القبائل في عهد نزول القرآن، ولكي تكون