السور والآيات ضرورة التفريق في العسب والأكتاف والرقاع (١) ونحوها، وليس معنى هذا أنهم كانوا يقرءونه غير مرتب الآيات- وحاشا- وإنما كانوا يقرءونه مرتب الآيات على حسب ما أوقفهم عليه الرسول، بإرشاد جبريل، عن رب العالمين وعلى ما هو عليه اليوم، والسبب الباعث على كتابته في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
١ - معاضدة المكتوب للمحفوظ لتتوفر للقرآن كل عوامل الحفظ والبقاء، ولذا كان المعول عليه عند الجمع الحفظ والكتابة.
٢ - تبليغ الوحي على الوجه الأكمل؛ لأن الاعتماد على حفظ الصحابة فحسب غير كاف؛ لأنهم عرضة للنسيان أو الموت، أما الكتابة فباقية لا تزول، وإنما لم يجمع النبي ﷺ القرآن في مكان واحد لما يأتي:
١ - ما كان يترقبه النبي من تتابع نزول الوحي ونزول بعض آيات ناسخة لبعض أحكامه وألفاظه.
٢ - ترتيب آيات القرآن وسوره لم يكن على حسب النزول بل كان حسب تناسب الآي وترابطها وقد تنزل الآية أو السورة بعد الآية أو السورة وتكون في ترتيب الكتابة قبلها، وذلك مثل آية الاعتداد بأربعة أشهر وعشر فإنها ناسخة لآية الاعتداد بحول، مع أن الأولى مكتوبة في المصاحف قبلها، وهي متأخرة في النزول عنها قطعا لوجوب تأخر الناسخ عن المنسوخ.
فلو كتب النبي ﷺ القرآن كله في مكان واحد- والشأن كما ذكرنا- لكان عرضة للتغيير والإزالة والكشط والمحو، وقد تكون كتابته في موضع واحد متعذرة إن لم تكن مستحيلة في كتاب نزل منجما في بضع وعشرين سنة، فلما انقضى الوحي بوفاة النبي ﷺ وأمن النسخ، وعرف الترتيب ألهم الله سبحانه الخلفاء الراشدين، فقاموا بجمع القرآن في الصحف، كما حدث في عهد الصديق رضي الله عنه، وفي المصاحف كما حدث في عهد عثمان رضي الله عنه.