والاشتمال على هذه المميزات لم يكن لغير صحف أبي بكر رضي الله عنه فهي النسخة الأصلية الموثوق بها التي يجب الاعتماد عليها، نعم قد كانت هناك صحف ومصاحف لبعض الصحابة كتبوا فيها القرآن، إلا أنها لم تحظ بما حظيت به صحف أبي بكر من الدقة والميزات فبعض الصحابة كان يكتب المنسوخ، وما ثبت برواية الآحاد، وبعض تفسيرات وتأويلات لآية وبعض أدعية، ومأثورات فكن على ذكر من هذا فإنه سيفيدنا في إزالة إشكال بعض الروايات الواردة عن بعض أصحاب هذه المصاحف، والتي اتخذ منها بعض المارقين وسيلة للطعن في القرآن الكريم.
جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه
لما كان عهد عثمان رضي الله عنه، وتفرق الصحابة في البلدان وحمل كل منهم من القراءات ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يكون عند أحدهم من القراءات ما ليس عند غيره، اختلف الناس في القراءات، وصار كل قارئ ينتصر لقراءته، ويخطئ قراءة غيره وعظم الأمر، واشتد الخلاف، فأفزع ذلك عثمان رضي الله عنه، وخشي عواقب هذا الاختلاف السيئة في التقليل من الثقة بالقرآن الكريم وقراءاته الثابتة، وهو أساس عروة المسلمين، ورمز وحدتهم الكبرى. أخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف من طريق أبي قلابة قال: لما كان عهد عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين حتى كفر بعضهم بعضا؛ فبلغ ذلك عثمان فقال: أنتم عندي تختلفون فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافا!! وقد تحقق ظنه لما جاء حذيفة بن اليمان وأخبره بما وقع بين أهل الشام والعراق من الاختلاف في القراءة في غزوة أرمينية فهاله الأمر، وتشاور هو والصحابة فيما ينبغي، فرأى ورأوا معه أن يجمع الناس على مصحف
واحد، لا يتأتى فيه اختلاف، ولا تنازع، فأرسل إلى حفصة رضي الله عنها: أن أرسلي إلينا بالصحف التي كتبت في عهد أبي بكر ثم