كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات، لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل،
قالوا: «فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا»، ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة الواحدة، وهذا هو السر فيما روي أن «ابن عمر» أقام على حفظ «البقرة» ثمان سنين ذكره مالك في «الموطأ»، وما يفسر لنا قول «أنس» - رضي الله عنه-: «كان الرجل إذا قرأ «البقرة» و «آل عمران» جد في أعيننا» (١) أي: عظم.
وعلى ما كان عليه الصحابة من العروبة الخالصة، والتصرف في فنون القول، وأخذهم بزمام الفصاحة، فقد خفيت عليهم بعض ألفاظ «القرآن» اللغوية، ولم يعرفوا معناها.
أخرج «أبو عبيد» في «الفضائل» عن إبراهيم التيمي: أن أبا بكر- الصديق- سئل عن قوله تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) [سورة عبس: ٣١] فقال:
«أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم»، وفي سنده انقطاع لأن إبراهيم التيمي لم يلق الصديق (٢).
وأخرج عن «أنس» أن «عمر بن الخطاب» - رضي الله عنه- قرأ على المنبر وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) فقال: «هذه الفاكهة قد عرفناها.. فما الأب» ثم رجع إلى نفسه فقال: «إن هذا لهو الكلف يا عمر؛ وما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدري: ما الأبّ».
لأن عدم معرفة معنى كلمة من القرآن لا تضر المسلم ما دام حافظا للقرآن عاملا بكل ما فيه من الأحكام والآداب.
وأخرج أيضا من طريق «مجاهد» عن «ابن عباس» قال: «كنت لا أدري

من علماء الصحابة، كابن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب، وكان من خيار التابعين، ومن علمائهم بالقرآن.
(١) أصول التفسير لابن تيمية ص ٦ ط السلفية.
(٢) وأخرجه أيضا ابن جرير وفي سنده انقطاع.


الصفحة التالية
Icon