من مثل رسول الله- في ذكائه وفطنته ولقانته- أن لا يتعلم الكتابة بعد طول إملاء القرآن على الكاتبين ورؤيته لهم وهم يكتبون، على أنه من الممكن جدّا أن يكون الله سبحانه وتعالى علم نبيه القراءة والكتابة كما علمه غيرها- مما لم يكن يعلم بطريق وهبي من غير ضرورة إلى تعلم أو كسب، وأيّا كان الأمر فلا تنافي بين كونه ﷺ بعث وهو أميّ، وكون رسم القرآن توقيفيا:
لأنه إن كان تعلم الكتابة فالأمر ظاهر وإن لم يكن تعلمها فيكون تلقينه وإرشاده الكاتبين إلى طريقة كتابته بتلقين من جبريل ووحي منه.
فوائد الرسم العثماني
لاتباع رسم المصحف العثماني فوائد منها:
١ - اتصال السند بالقرآن الكريم
: فلا يجوز لأحد أن يقرأه أو يقرئه غيره إلا بروايته بسند متصل؛ فمن علم القواعد العربية، ولكن لا يأخذ القرآن عن غيره لا يعرف قراءته على وجهها الصحيح، فإن بعض ألفاظه كتبت على غير النطق بها كما أسلفنا، فإن فواتح بعض سوره كتبت برسم الحروف لا بهيئات النطق بها، وإلا فقل لي- بربك- كيف يتوصل القارئ إلى قراءة كهيعص وحم (١) عسق (٢) وطسم والمص (١) وغيرها فالذي يعلم العربية والهجاء ولكنه لا يتلقى عن غيره كيفية القراءة والأداء، قد يقرؤها على غير وجهها الصحيح؛ إذ النطق بها صحيحة يتوقف على التلقي والسماع من قراء القرآن وحفاظه المشتغلون به، واتصال السند من خصائص القرآن الكريم بالنسبة لغيره من الكتب السماوية،
وبه ظل محفوظا كما وعد الله سبحانه وتعالى بقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ وليس من شك في أن الرسم المخصوص له أعظم الأثر في اتصال السند؛ إذ لو كانت جميع ألفاظه مكتوبة طبق النطق بها لتجرأ الكثيرون على قراءته