عثمان وهم يعرضون المصاحف فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها «لم يتسن» وفيها «لا تبديل للخلق» وفيها «فأمهل الكافرين» فدعا بالدواة فمحا إحدى اللامين وكتب لِخَلْقِ اللَّهِ ومحا «فأمهل» وكتب فَمَهِّلِ وكتب لَمْ يَتَسَنَّهْ فألحق فيها الهاء، فهل يصح في العقول ممن هذا شأنه أن يرى لحنا في المصاحف ثم يقرهم عليه، ويدعه للعرب تصلحه ومن أحق بإصلاح اللحن والخطأ منه، وهو من هو في حفظ القرآن والحفاظ عليه.
ولو جوزنا فرضا أن عثمان تساهل في إصلاح هذا أفيدعه جمهور المسلمين من المهاجرين والأنصار دون أن يصححوه وهم الذين لا يخشون في الحق لومة لائم، ولا يقرون على الباطل، ولو صحت هذه المقالة عن عثمان لأنكروا عليه غاية الإنكار، ولو أنكروا لاستفاض ونقل إلينا وأنى هو ولقد كانوا يعترضون عليه وعلى غيره فيما دون هذا، فما بالك بأمر يتعلق بالقرآن الكريم الحق أن هذا لا يصدقه إلا من ألغى عقله.
٣ - على فرض صحة هذين الأثرين فيمكن أن نؤولهما بما يتفق هو والصحيح المعروف عن عثمان في جمع القرآن، ونسخ المصاحف، وذلك بأن يحمل لفظ لحنا على معنى اللغة، ويكون المعنى أن في رسم القرآن وكتابته في المصاحف وجها في القراءة لا تلين به ألسنة العرب جميعا الآن، ولكنها لا تلبث أن تلين به ألسنتهم جميعا بالمرانة، وكثرة تلاوة القرآن بهذا الوجه.
الشبهة الثانية:
قالوا: إن سعيد بن جبير كان يقرأ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ (١) [النساء: ١٦٢] ويقول هو من لحن الكتاب.