«لا حسد (١) إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه (٢) في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل».
وحافظ القرآن، وصاحبه الملازم لقراءته، له بكل آية درجة يرقاها يوم القيامة، فانظر أيها القارئ- كم يرقى من الدرجات
عن أبي سعيد الخدري قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة. اقرأ، وارق، واصعد فيقرأ، ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه» رواه الإمام أحمد في مسنده.
والقرآن أحد الشفعاء الذين تقبل شهادتهم يوم القيامة، روى أبو عبيد، عن أنس مرفوعا: «القرآن شافع مشفع (٣)، وماجد مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار».
وروى مسلم في صحيحه بسنده عن النبي ﷺ قال: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه».
وروى أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو أن النبي ﷺ قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال: فيشفعان».
وحافظ القرآن عن ظهر قلب، والعامل بما فيه يشفعه الله في أهله يوم القيامة؛ أخرج الترمذي، وابن ماجة، وأحمد من حديث عليّ: «من قرأ

(١) المراد بالحسد الغبطة، وهي تمني المرء أن يكون له مثل ما للغير من غير أن يتمنى زواله، بخلاف الحسد، ففيه تمني زوال النعمة، وكأنه ﷺ أطلق الحسد على الغبطة للمشابهة من وجه وللمبالغة في تحصيل الخصلتين كأنه قيل: لو لم يمكنا إلا بالحسد المذموم لترخص فيه، فكيف وتحصيلهما ممكن بالطريق المحمود المشروع.
(٢) ينفقه.
(٣) مشفع- بضم الميم، وفتح الشين، ثم فاء مشددة مفتوحة- أي: مقبول الشفاعة.


الصفحة التالية
Icon