القرآن فاستظهره (١) فأحل حلاله، وحرم حرامه أدخله الله الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته، كلهم قد وجبت لهم النار. وحافظ القرآن الذي لا يغلط فيه، ولا يغيب عنه شيء مع السفرة الكرام البررة من الملائكة»؛ روى الشيخان، وغيرهما من حديث عائشة مرفوعا: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن، ويتعتع فيه (٢)، وهو عليه شاق له أجران» أما الأول فأجره أكثر، وأضعاف مضاعفة.
وما من أحد يقرأ شيئا من القرآن حين يأخذ مضجعه إلا حفظ حتى يصبح، أخرج أحمد في مسنده والترمذي في سننه من حديث شداد بن أوس: «ما من مسلم يأخذ مضجعه، فيقرأ سورة من كتاب الله تعالى إلا وكل الله به ملكا يحفظه، فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهبّ متى هبّ».
وفي حديث أبي هريرة وقصته مع الشيطان الذي كان يسرق من الزكاة وقوله له: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ أية الكرسي، لم يزل معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدقك، وهو كذوب (٣)، ذاك شيطان» رواه البخاري.
والبيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، ويقل شره، روى البزار من حديث أنس مرفوعا: «البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره».
والقلب الذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب؛ روى الإمام أحمد والترمذي بسندهما عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» ومن ذا الذي يرضى أن يكون قلبه خرابا.

(١) حفظه عن ظهر قلب.
(٢) أي: يتعثر في قراءته.
(٣) هذا تقرير من النبي لما أخبره به الشيطان، ولعل الشيطان عرف بذلك من الرسول فأخبره أبا هريرة، ومعنى صدقك... أنه صدق في هذه وإن كان الشأن في قوله الكذب.


الصفحة التالية
Icon