والقرآن هو الغنى الحقيقي، فمن رزقه رزق الغنى كله، ومن حرمه فلا غنى له وإن كان عنده مال قارون، روى الطبراني بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القرآن غنى لا فقر بعده، ولا غنى دونه» (١).
وقارئ القرآن له بكل حرف حسنة؛ عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، ولا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» رواه الترمذي وقال:
حديث حسن صحيح.
إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في فضل القرآن، وفضل آيات أو سور خاصة كالفاتحة، وخواتيم سورة البقرة، والبقرة، وآل عمران، والكهف والإخلاص، والمعوذتين وغيرها.
فمن ذا الذي يسمع، أو يصل إليه كل هذا الترغيب الحبيب، والوعد الجميل ولا يسارع إلى حفظ القرآن وتفهمه، والعمل به، فلا تعجب إذا كان الصحابة تنافسوا في هذا المضمار الشريف، وكذلك تنافس فيه من جاء بعدهم، حتى حفظ الألوف، بل وألوف الألوف.
العامل الثالث الأمر بتعهد القرآن والتحذير من نسيانه:
وكذلك أمر النبي ﷺ أصحابه وكل من يجيء من الأمة بعدهم بتعهد القرآن وممارسة قراءته حتى لا يتفلت منهم، وضرب لهم في ذلك المثل النوابغ، والكلم الجوامع الزواجر.
ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي موسى- رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: «تعاهدوا القرآن (٢) فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها» (٣).

(١) أي: لا غنى في غيره.
(٢) تعاهدوا القرآن: أي حافظوا على قراءته، وداوموا على تلاوته.
(٣) التفصي: التخلص والتفلت، عقلها جمع عقال وهو حبل يعقل به البعير أي:


الصفحة التالية
Icon