القرآن (١). وفي صحيح البخاري أيضا عن أبي هريرة قال: رأيت سبعين من أصحاب الصفة، ما منهم رجل عليه رداء (٢)، إما إزار (٣)، وإما كساء قد ربطوا- أي الأكسية- في أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته (٤).
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: يشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين، وهؤلاء الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم النبي ﷺ في غزوة بئر معونة، وكانوا من أهل الصفة أيضا لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة، وقد اعتنى بجمع أصحاب الصفة ابن الأعرابي، والسلمي، والحاكم، وأبو نعيم، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر؛ وفي بعض ما ذكروه اعتراض ومناقشة، لكن لا يسع هذا المختصر تفصيل ذلك (٥).
وقال في موضع آخر من الفتح: ولم أقف على عددهم- يعني أهل الصفة- إذ ذاك وقد تقدم في أبواب المساجد، في أوائل كتاب الصلاة من طريق أبي حازم عن أبي هريرة: «رأيت سبعين من أصحاب الصفة... »
الحديث وفيه إشعار بأنهم كانوا أكثر من ذلك وذكرت أن أبا عبد الرحمن السلمي، وأبا سعيد بن الأعرابي، والحاكم اعتنوا بجمع أسمائهم، فذكر كل منهم من لم يذكر الآخر، وجمع الجميع أبو نعيم في الحلية، وعدتهم تقرب من المائة، لكن الكثير من ذلك لا يثبت وقد بين كثيرا من ذلك أبو نعيم، وقد قال أبو نعيم: كان عدد أهل الصفة يختلف بحسب اختلاف الحال، فربما اجتمعوا فكثروا، وربما تفرقوا إما لغزو، أو سفر، أو استغناء، فقلوا، ووقع في عوارف السهروردي أنهم كانوا أربعمائة (٦).

(١) فتح الباري ج ٧ ص ٣٠٩.
(٢) هو ما يستر أعالي البدن.
(٣) ما يشد في الوسط فيستر النصف الأسفل.
(٤) صحيح البخاري- كتاب الصلاة- باب نوم الرجال في المسجد.
(٥) فتح الباري ج ١ ص ٤٢٤.
(٦) فتح الباري ج ١١ ص ٢٤١.


الصفحة التالية
Icon