وأخرج الشيخان عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ القرآن في شهر»، قلت: إني أجد قوة، قال: «اقرأه في عشر» قلت: إني أجد قوة قال: «اقرأه في سبع ولا تزد (١) على ذلك» (٢) وفي بعض الروايات مراجعات منه للنبي فيما كان يشير به عليه حتى انتهى الأمر إلى السبع، قال الحافظ في الفتح: وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم كما أن الأمر ليس على الوجوب.
وفي الصحيح أيضا أنه ندم على ذلك لما كبر وقال: فليتني قبلت رخصة رسول الله ﷺ وذلك أني كبرت، وضعفت.
ويلي ذلك من ختم في ثمان، ثم في عشر، ثم في شهر، ثم في شهرين أخرج ابن أبي داود، عن مكحول قال: كان أقوياء أصحاب رسول الله ﷺ يقرءون القرآن في سبع، وبعضهم في شهر، وبعضهم في شهرين، وبعضهم في أكثر من ذلك وقد روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال: من قرأ القرآن في كل سنة مرتين فقد أدى حقه، لأن النبي ﷺ عرض القرآن على جبريل في السنة التي قبض فيها مرتين، أقول: ولكن عرض القرآن على جبريل لا ينافي أنه كان يقرأه وحده من غير عرض.
وكره بعض العلماء تأخير ختمه أكثر من أربعين يوما بلا عذر، نص على ذلك الإمام أحمد؛ لأن عبد الله بن عمر سأل النبي ﷺ في كم تختم القرآن قال: «في أربعين يوما» رواه أبو داود.
أقول: وليس في الحديث ما يدل على كراهة الختم في أكثر من أربعين والعبارة ليست حاصرة حتى يكون ما عداها ليس من سنته، وغاية ما يدل عليه أن ذلك كان حالة من حالاته، أو أنه كان الغالب منها.
ويعجبني في هذا ما قاله الإمام النووي في «الأذكار» أن ذلك يختلف

(١) أي: لا تنقص عن ذلك فالمراد بالزيادة بطريق التدلي أي: لا يقرؤه في أقل من سبع.
(٢) صحيح البخاري- كتاب فضائل القرآن- باب في كم يقرأ القرآن.


الصفحة التالية
Icon