تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ قال: بعضه في أثر بعض على تؤدة، وعن قتادة: بينه بيانا (١).
ويسن الترتيل في قراءة القرآن لقوله سبحانه: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: ٤]، وقوله تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا (١٠٦) [الإسراء: ١٠٦] أي: على تؤدة وتمهل.
وروى أبو داود وغيره عن أم سلمة أنها نعتت قراءة النبي ﷺ قراءة مفسرة: حرفا حرفا، وروى البخاري في صحيحه عن أنس أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، يمد الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود أن رجلا قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة فقال: هذا كهذّ الشّعر (٢) إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرناء التي كان يقرأ بهن النبي ﷺ ثماني عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم (٣).
وأخرج الآجري في «حملة القرآن» عن ابن مسعود: «لا تنثروه نثر الدقل (٤) ولا تهذوه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة».
وأخرج من حديث ابن عمر مرفوعا يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارق في الدرجات، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية
(٢) الهذ: هو الإسراع المفرط بحيث يخفي كثير من الحروف أو لا تخرج من مخارجها وهو المكروه أما الإسراع في القراءة من غير وصول إلى حد الهذ فلا شيء فيه.
(٣) صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن- باب الترتيل في القراءة، والمراد بآل حم السور التي بدئت بحم. أو المراد بآل حم نفسها كقوله ﷺ لأبي موسى «لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود أي: داود نفسه.
(٤) الدقل- بفتح الدال والقاف-: أردأ التمر.