أبي مسعود قالوا: إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت ولا يقول: كيف كذا وكذا فإنه يلبس عليه، وقال ابن مجاهد: إذا شك القارئ في حرف هل هو بالتاء، أو بالياء فليقرأه بالياء فإن القرآن مذكر، وإن شك في حرف هل هو مهموز، أو غير مهموز فليترك الهمزة (١) وإن شك في حرف هل يكون موصولا، أو مقطوعا فليقرأ بالوصل (٢) وإن شك في حرف هل هو ممدود، أو مقصور، فليقرأ بالقصر، وإن شك في حرف هل هو مفتوح أو مكسور، فليقرأ بالفتح؛ لأن الأول غير لحن في
موضع والثاني لحن في بعض المواضع.
قال السيوطي: أخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: «إذا اختلفتم في ياء وتاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن» ففهم منه ثعلب أن ما احتمل تذكيره وتأنيثه كان تذكيره أجود، ورد بأنه يمتنع إرادة تذكير غير الحقيقي التأنيث لكثرة ما في القرآن منه بالتأنيث نحو: النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ وإذا امتنع إرادة غير الحقيقي، فالحقيقي أولى؛ قالوا: ولا يستقيم إرادة أن ما احتمل التذكير والتأنيث غلب فيه التذكير؛ كقوله تعالى: وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ فأنث مع جواز التذكير قال تعالى: أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ قالوا: فليس المراد ما فهم بل المراد يذكروا بالموعظة والدعاء، كما قال تعالى: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ إلا أنه حذف الجار؛ والمقصود ذكروا الناس بالقرآن، أي: ابعثوهم على حفظه كيلا ينسوه قال السيوطي:
أول الأثر يمنع هذا الحمل.
وقال الواحدي: الأمر ما ذهب إليه ثعلب، والمراد أنه إذا احتمل اللفظ التذكير والتأنيث ولم يحتج في التذكير إلى مخالفة المصحف ذكر نحو وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ قال: ويدل على إرادة هذا أن أصحاب عبد الله بن مسعود

(١) لأن الهمزة قد تخفف.
(٢) لأن الأصل الوصل.


الصفحة التالية
Icon