وهو المقصود بالروح الأمين في آية «الشعراء»، وبروح القدس في سورة «النحل»، وهو الرسول الكريم ذو القوة المتين الأمين في قوله تعالى:
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) [سورة التكوير: ١٩ - ٢٢]، والقول كما ينسب لقائله الأول، ينسب لمبلّغه وحامله إلى المرسل إليه.
وهو شديد القوى ذو المرة، في قوله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (٧) (١) [سورة النجم:
٤ - ٧]، وقد جاء النص على أن النازل بالقرآن هو «جبريل» في قوله سبحانه:
قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (٩٨) [سورة البقرة: ٩٧ - ٩٨]، والمراد بهم اليهود.
٤ - كيف كان هذا النزول ومدّته
وقد نزل به «جبريل» - عليه السلام- على النبي ﷺ منجما مفرقا، على حسب الوقائع، والحوادث، وحاجات الناس، ومراعاة للظروف والملابسات.
وقد اختلف العلماء في مدة هذا النزول؛ فقيل: عشرون سنة، وقيل:
ثلاث وعشرون سنة، وقيل: خمس وعشرون سنة.
ومنشأ هذا الاختلاف إنما هو اختلافهم في مدة مقامه ﷺ بمكة؛ فقيل عشر سنين، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة.
وأقربها إلى الحق والصواب هو أوسطها؛ وهو ثلاث وعشرون سنة، وهذا على سبيل التقريب، وأبعدها هو آخرها.
ولو راعينا التدقيق والتحقيق، تكون مدة نزول القرآن اثنتين وعشرين سنة، وخمسة أشهر (٢) ونصف شهر تقريبا، وبيان ذلك: أن النبي ﷺ نبّئ
(٢) راعيت في هذا التحديد، ما ذهب إليه الجمهور من أنه ﷺ ولد في الثاني عشر من