على رأسي الأربعين من ميلاده الشريف، وذلك في شهر «ربيع الأول؛ الثاني عشر منه» وقد بدئ الوحي إليه بالرؤيا الصادقة، ومكث على ذلك إلى السابع عشر من رمضان، وهو اليوم الذي نزل عليه فيه صدر سورة «اقرأ» أول ما نزل من القرآن، وجملة ذلك: ستة أشهر وخمسة أيام، وآخر آية نزلت من القرآن هي قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٨) [سورة البقرة: ٢٨١]، وقد روي أن ذلك قبل وفاة النبي ﷺ بتسعة أيام، وقيل: بأحد عشر يوما، وقيل: بواحد وعشرين يوما، فلو أخذنا بالمتوسط تكون جملة المدة التي لم ينزل فيها القرآن ستة أشهر وستة عشر يوما.
وجملة عمره ﷺ ثلاثة وستون عاما؛ لأنه توفي في الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، كما عليه الجمهور، فتكون مدة نبوته: ثلاثا وعشرين سنة، فإذا أنقصنا منها ستة أشهر وستة عشر يوما، يكون الباقي اثنتين وعشرين وخمسة أشهر وأربعة عشر يوما، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وقد ذكر بعض الكاتبين في تاريخ التشريع غير هذا وقد بنى حسابه على أن آخر آية نزلت الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وهو خطأ مشهور وسنبيّن الحق في آخر ما نزل فيما يأتي إن شاء الله.
٥ - الدليل على نزول القرآن منجما
المعروف الثابت: أن «القرآن الكريم» نزل على النبي ﷺ مفرقا، ويدل على هذا القرآن، والسنة الصحيحة.
أما القرآن، فقوله تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا (١٠٦) [سورة الإسراء: ١٦]، وقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ