أحوال العراق ومن ضمنه مدينة واسط التي نالها ما نال غيرها من اضطراب الحياة السياسية والاجتماعية حسبما أفاضت به كتب التاريخ (١).
في هذه الأجواء المضطربة كانت ولادة الواسطي ثم نشأته وتلقّيه علم القراءات على شيوخ عصره الواسطيين. وكان يجمع مع علمه التقوى والصلاح والضبط لما يتلقّاه من العلوم حتى صار واحدا من شيوخ العلم المقصودين.
د: ثقافته ومكانته العلمية:
نهل الواسطي عند نشأته في واسط علم القراءات عن شيوخ هذا العلم في زمانه وهم: أحمد ومحمد ابني غزال، وأحمد بن المحروق، وعلىّ المعروف بخريم (٢). وكان يشير إلى أسماء هؤلاء الشيوخ الأربعة في سند كل قراءة تلقّاها عن طريق العراقيين (٣).
وبعد تمكّنه العلمي أقرأ الناس بواسط ثم انتقل إلى بغداد ليصبح واحدا من القرّاء الذين تولّوا التدريس بدار القرآن في المدرسة المستنصرية فأخذ عنه القراءات العشر عبد المولي الكتبي والعزّ حسن العسكري وأخذ عنه القراءات السّبع محيى الدين العاقولي (٤). ومن الذين أخذوا عنه القراءات في بغداد أيضا أحمد بن الملقّن وإسماعيل النّسّاج ومحمد بن شنّان وعلىّ بن أحمد الدّوري وهو أكبر أصحابه في العراق (٥).
لقد كان الواسطي تاجرا جوّالا يرتحل لتلقّي العلم. فضلا عن التجارة. في
(٢) ينظر: منتخب المختار/ ٦٩، وغاية النهاية ١/ ٤٢٩، والدرر الكامنة ٢/ ٢٧٠.
(٣) ينظر: الكنز/ ٩٢، ٩٨، ١٠٢، ١٠٦، ١٢١.
(٤) ينظر: تاريخ علماء المستنصرية ١/ ٢٢٥، ٣١٠، ٢/ ١٣٤، ١٨٩، ١٩٢، ٢٣٣.
(٥) ينظر: منتخب المختار/ ٦٩، وغاية النهاية ١/ ٤٢٩.