بسبب القراءات بين المسلمين، لأن الجميع علموا شرعية ما يقرأ به القرآن، لاعتماده على الأصل المجمع عليه من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يشير إلى هذا الهدف قول عثمان يرد على الخارجين عليه اعتراضهم لحرقه المصاحف: «إنما منعتكم من الاختلاف... ».
نشر عثمان المصاحف في الأمصار:
تم العمل الضخم الذي قام به عثمان وهو نسخ المصاحف بما لا يتجاوز كثيرا (سنة ٢٥ هـ) التي هي سنة غزو المسلمين إرمينية كما يثبته التاريخ (١)، فأعاد عثمان الصحف إلى حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، ووزع المصاحف على وجه يحقق المقصود، ويزيل الإشكال فأرسل إلى كل مصر من الأمصار الإسلامية بمصحف من المصاحف التي نسخت، واحتفظ عنده بمصحف سمي «المصحف الإمام»، وقد وقع الاختلاف في عدد هذه المصاحف، والمشهور أنها خمس على ما قرره السيوطي، لكن إذا أضفنا إليها المصحف الإمام كان المجموع ستة مصاحف.
ولاحظ عثمان في هذا التوزيع إرداف الكتابة بالقراءة، وهي العمدة بالنسبة لقراءة القرآن التي تحتاج إلى التلقي من الأفواه، فأرسل إلى كل بلد قارئا يرافق المصحف ويقرأ بالقراءة الموافقة لرسم المصحف، على التوزيع التالي: زيد بن ثابت مقرئ المصحف المدني، وعبد الله بن السائب مقرئ المصحف المكي، والمغيرة بن شهاب مقرئ المصحف الشامي، وأبو عبد الرحمن السّلمي مقرئ المصحف الكوفي، وعامر بن عبد القيس مقرئ المصحف البصري (٢).
وفي مقابل ذلك أمر عثمان بما سوى ذلك من المصاحف أن يحرّق،
(٢) بتصرف يسير عن مناهل العرفان ج ١ ص ٣٩٦ - ٣٩٧.