الرشاد، ويبلّغه آخر هذه الأمة كما بلغه ﷺ لأولها.
فلو جاز أن يجري عليه تحريف أو زيادة أو نقص لما تحقق إنذاره ﷺ بالقرآن لمن يأتي من بعده، كما أنذر الذين في عصره، في حين أن الآية تخبر بإنذاره ﷺ لمن في عصره ومن بعده على حد سواء.
رابعا: لو جرى على هذا القرآن الكريم تحريف أو زيادة أو نقص:
لأدّى ذلك إلى ذهاب الثقة به، ولأدّى ذلك إلى عدم الإيمان الجازم بما جاء به، وكيف لا يوثق به ولا يقطع جزما بما جاء به، مع أن الله تعالى بيّن لعباده أن هذا الكتاب الذي هو بجميع آياته موثوق به ومقطوع بحقيقته لا يتطرق الباطل ولا الخلل إلى جانب من جوانبه. قال تعالى لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ فإن فحوى هذه الآية ونصها يناديان العباد ويخبرانهم أن الثقة كل الثقة، واليقين كل اليقين، والحق كل الحق، في هذا الكتاب العزيز الذي لا يجد الباطل والوهم والكذب والافتراء والتلاعب وما شابه ذلك- لا يجد ذلك إلى الكتاب سبيلا أصلا.
فلو جرى عليه تحريف أو زيادة أو نقص لذهبت الثقة واليقين به.
أما ذهاب الثقة بالمزيد فالأمر بيّن. وأما ذهاب الثقة بالمزيد عليه فإن العاقل يقول: لعل في هذا الأصل زيادة أيضا، فما يدرينا أنها كلّها أصل؟! وأما ذهاب الثقة به حالة النقص: فذلك لأن بين الأصل المنقوص عنه والشيء الناقص منه ارتباطا في المعاني والأحكام والأخبار وغير ذلك، ولو جرى عليه النقص لأدى ذلك إلى عدم الثقة بالناقص والمنقوص منه. فلا يكون أحد من المسلمين على ثقة بدينه، لاحتمال نسخ بعض الصلوات أو تغيير أوقاتها أو الزيادة عليها، أو نسخ الزكاة أو مقاديرها، أو نسخ الصيام أو الزيادة فيه أو بتبديله بغيره، أو نسخ الحج، أو تحليل الخمر والميسر ونحوهما من المحرمات، أو تحريم بعض أنواع من الحلال، وبذلك لا يكون أحد من الناس على عبادة إلا وهو على شك منها، ولا يقدم على حلال ولا يحجم عن