وقد قطع الله عليهم بل على الثقلين كلهم منافذ اللدود لهذا الإعلان الحاسم قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (١).
وقد أمعن القرآن في هذا التحدي وأكده في سورة البقرة المدنية، فتحداهم ثانية بسورة منه، وأكد عجزهم عن ذلك بالإعلان على العالم أنهم لن يستطيعوا ذلك، ولن يفعلوه أبدا:
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢).
القدر المعجز من القرآن:
وهكذا نجد القرآن تحدى العرب أن يأتوا بمثل سورة واحدة من القرآن، ولو كانت من قصار سوره، وإذا كانت أقصر سورة فيه هي سورة الكوثر تتألف من ثلاث آيات قصار علمنا أن كل آية طويلة معجزة، وكل عدة آيات قصار تبلغ سورة الكوثر أو أكثر من ذلك فهي معجزة كذلك.
وإذا علمت أن عدد آيات القرآن يزيد على ستة آلاف آية علمت كم عدد المعجزات في القرآن الكريم، فضلا عن النظر فيما يحمله من أوجه الإعجاز المتعددة، فتكون معجزاته بذلك كثيرة متنوعة يضيق عنها الحصر والتعداد.
خصائص إعجاز القرآن:
إن من المقرر المعلوم أن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى بين سائر المعجزات، لما اختص به في إعجازه من خصائص ليست لمعجزة سواه.
١ - اختص القرآن: «مع كونه معجزا أنه معجز لجميع المكلفين، فوجب في الحكمة أن يكون أمرا يبقى ببقاء التكليف، ولذلك تكفل الله تعالى
(٢) سورة البقرة، الآيتان ٢٣ و ٢٤.