عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أملى عليه:
لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فجاءه ابن أمّ مكتوم وهو يملّها عليّ قال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت.- وكان أعمى- فأنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي، فثقلت عليّ حتى خفت أن ترضّ فخذي ثم سرّي عنه فأنزل الله: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، أخرجه البخاري بلفظه وأحمد وأبو داود وغيرهم (١).
٤ - أنه صلّى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي بركت به راحلته.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «إن كان يوحى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو على راحلته فتضرب بجرانها» أخرجه أحمد.
وعن عروة بن الزبير: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها فما تستطيع أن تحرّك حتى يسرّى عنه. أخرجه ابن جرير، وهو مرسل، والجران باطن عنق الناقة.
وقد حضّ النبي صلّى الله عليه وسلم المسلم على أن يجعل ليوم الوحي اهتماما وتوجها خاصا إلى الله، بمجاهدة النفس والتصفية لها بصيام مستحب، تكميلا ومتابعة لمجاهدتها بالصيام المفروض في شهر رمضان حتى تصفو النفوس من أكدارها وتخلص القلوب وجهتها نحو بارئها سبحانه، وتقبل عليه بقوة وعزم، وعلى العالم بالمكارم والإصلاح ودعوة الخير الذي نزل به الوحي في ذلك اليوم، أخرج مسلم (٢) عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين فقال: «فيه ولدت، وفيه أنزل عليّ» (٣).

(١) البخاري: ج ٦: ٤٧ وأبو داود ج ٣: ١١ والمسند ج ٥: ١٨٤.
(٢) في صحيحه كتاب الصيام ج ٣ ص ١٦٨.
(٣) وبهذه الدراسة يتبين لنا بجلاء الفرق بين الوحي والإلهام أو الكشف، وذلك من وجوه كثيرة نذكر منها:
١ - إن الوحي أخذ وتلقّ من ذات خارجية علوية آمرة قاهرة، تتلقاه شخصية النبي مذعنة ضعيفة مأمورة. أما الإلهام والكشف فيدخل فيهما عنصر الحدس


الصفحة التالية
Icon