الرد على منكري الوحي
وقد أثار أعداء الأنبياء والكافرون ببعثة الرسل الشبهات حول ثبوت الوحي من الله تعالى لهؤلاء الخيرة المصطفين من عباده، وتعللوا في إنكارهم بتعللات مختلفة، بدأها أوائلهم في العصور السالفة الغابرة وجددها أواخرهم في العصور الخالفة الحاضرة.
ويتخلص أهم ما قالوه في دعويين سبق إليهما الكفرة المشركون من قبل، حين زعموا أن النبي صلّى الله عليه وسلم مجنون، أو أنه مصاب بمرض عصبي، وزعموا أنه يأتيه رئيّ من الجن يلقي إليه هذا القرآن، ولما كان منكروا النبوة في هذا العصر ينكرون الجن فقد صاغوا شبهتهم باسم «الوحي النفسي».
ولا شك أن دعوى المرض العصبي كذب واضح يدل على الجهل الفاضح بشخص محمد صلّى الله عليه وسلم وبالقرآن الكريم، بل يدين قائله بأنه بلغ به العناد والتجني على الحقيقة مبلغا فقد به توازنه العقلي، فالتاريخ يشهد بأدلته القاطعة للنبي صلّى الله عليه وسلم أنه كان أعظم الناس خلقا، وأوسعهم أفقا، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم يدا، لا تصمد أمامه معضلة، ولا يتعقد أمامه موقف إلا واجهه بأحسن الحلول وأعلاها وأفضلها، وأنه كان أفصح الناس لسانا وأعذبهم بيانا، مما يشهد بأنه صلّى الله عليه وسلم أكمل العالم عقلا وتفكيرا وأنه أمة وحده في علوّ أخلاقه وثباته وحلمه، وكمال عقله ورباطة
٢ - إن الوحي يوقع في القلب علما يقينيا اضطراريا لا يقبل التغيير ولا التبديل، أما الكشف أو الإلهام فهو أمر يقع في النفس فتعرفه معرفة دون اليقين، وقد تتحمس له كاليقين، لكن كثيرا ما يظهر الخطأ فيه.
٣ - إنه يجب الأخذ بالوحي قطعا، لكن لا يجوز الأخذ بالإلهام أو الكشف وإن تكرر صدقه إلا بعد عرضه على دلائل الشرع، لأن الوحي معصوم، أما الإلهام وكذا الكشف ونحو ذلك فليس شيء منها بمعصوم، فلا بد من مراجعة ذلك.