عليّ ذلك، فذهبت إلى السوق، فقضيت حاجتي، ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو» (١).
والآثار في ذلك عن السلف كثيرة، تكفي الإشارة إليها للذكرى والعبرة.
قراءة النظر وقراءة الحفظ:
القراءة من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب، لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة، قال النووي: لم أر فيه خلافا.
لكن اختار الإمام عز الدين بن عبد السلام، أن القراءة عن ظهر قلب أفضل، لأن المقصود التدبر، والنظر في المصحف يخل بهذا المقصود.
ولما أن التدبر هو المقصود، فينظر القارئ الحال الذي يلائمه فيأخذ به، وقد يكون تغيير إلى من قراءة نظر إلى قراءة حفظ أوفق له، ولو بعض جمل إن كان غير حافظ، فيفعل ذلك.
وهذا هو اختيار النووي: إن كان القارئ من حفظه يحصل له من التدبّر والتفكر وجمع القلب أكثر فالقراءة من الحفظ أفضل، وإن كانا متساويين فمن المصحف أفضل: قال: «وهو مراد السلف» (٢).
٢ - ترتيل التلاوة:
وهذا مطلب جليل: أمر الله تعالى به، قال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا.
والترتيل: التنضيد وحسن تناسق الشيء وانتظامه، تقول العرب: ثغر رتل ورتل إذا كان حسن التنضيد (٣).
وقد أمر الله تعالى به وَرَتِّلِ وأكده بقوله: تَرْتِيلًا وهو مفعول مطلق مؤكّد، فدل على الوجوب، قال الفخر الرازي: «قوله تعالى: تَرْتِيلًا تأكيد

(١) المرجع السابق: والآية من سورة الطور: ٢٧.
(٢) الأذكار: ١٨٢ وانظر التبيان: ٩٠، والمجموع: ٢: ١٨٠، والبرهان: ١: ٤٦١ - ٤٦٣، وفيه توسع والإتقان: ١: ٣٠٤ - ٣٠٥.
(٣) لسان العرب مادة (رتل): ١٣: ٢٨١، وتفسير القرطبي: ١٩: ٣٦ ومدارك التنزيل للنسفي:
٤: ٣٠٣، وهذا هو مراد من فسر الآية: بين وفصل أي بين الحروف وفصلها عن بعضها.


الصفحة التالية
Icon