فدل على تفضيل الإخفات بالقراءة، لأنه شبهها بصدقة السّرّ، والسّرّ بها أفضل من الإعلان.
لكن يجاب عن هذا بأنه لا إشكال، ولا خلاف في الحقيقة، لأن المراد تفضيل قراءة السرّ لمن خاف على نفسه العجب أو الرياء، أو نحو ذلك، وتفضيل قراءة الجهر لمن أمن
ذلك.
تحسين الصوت بالقرآن:
وهذه سنة، أجمع العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على سنية تحسين الصوت بالقرآن (١)، وأدلة ذلك من الأحاديث السابقة ظاهرة، وغيرها كثير، منها: عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زيّنوا القرآن بأصواتكم» أخرجه الأربعة إلا الترمذي وصححه البخاري (٢).
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن» أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وأخرجه البخاري عن أبي هريرة (٣).
والمعنى تحسين الصوت عند القراءة، فإن الكلام الحسن يزيد حسنا وزينة بالصوت الحسن، وبالتالي يزداد نفعه للقلوب لدى القارئ والسامع (٤): كما هو معلوم مشاهد.
تلحين قراءة القرآن:
ذهب جمهور من الصحابة ومن بعدهم إلى استحباب تلحين القرآن، وهو

(١) التبيان: ٩٨، والإتقان: ١: ٣٠٢، انظر المجموع: ١٧٩، ١٨١.
(٢) أبو داود (استحباب الترتيل): ٢: ٧٤، والنسائي: (تزيين القرآن بالصوت): ٢: ١٧٩ - ١٨٠ وابن ماجة (حسن الصوت بالقرآن): ١: ٤٢٦ وعلقه البخاري بصيغة الجزم في التوحيد: ٩:
١٥٧، وهو حكم بصحته.
(٣) المسند: ١: ١٧٢، ١٧٥، ١٧٩، وأبو داود في الموضع السابق وابن ماجة: ١/ ٤٢٤، والبخاري في التوحيد: (باب قول الله وأسروا قولكم... ) ٩: ١٥٣.
(٤) وليس معناها أن القرآن بحاجة إلى تزيين كما رأى بعض العلماء. انظر حاشية السندي على سنن النسائي: ٢: ١٧٩.


الصفحة التالية
Icon