فوائد علم أسباب النزول:
ولا ريب عند من له تأمل وخبر بدراسة النصوص والوثائق أن لمعرفة أسباب النزول والوقائع التي بني عليها ورود النص أو ترتب عليها وقوع الحدث من أحداث التاريخ له أثر بالغ الخطر في دراسة تلك النصوص أو الأحداث، وذلك من أوجه كثيرة، نذكر منها في هذا المقام:
١ - الاستعانة على فهم المعنى المراد:
لما هو معلوم من الارتباط بين السبب والمسبب، قال الواحدي: «لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها».
وقال ابن دقيق العيد: «بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن» (١).
وقال ابن تيمية: «معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب».
٢ - معرفة وجه الحكمة التي ينطوي عليها تشريع الحكم:
مما يكون أدعى لتفهمه وتقبله، فمن قرأ أسباب نزول آيات تحريم الخمر متدرجة واحدة بعد الأخرى، أدرك ضرورة تحريم الخمر، وبعثه موقف الصحابة عند نزول تحريمها الباتّ لأن يقتدي بهم ويأتسي بعملهم فينزجر عما قد يكون عليه من فعل محرّم.
٣ - إزالة الإشكال عن ظاهر النص لمن لم يتعرف سبب النزول:
وذلك كثير يصادفه المفسر، ومنه هذا المثال المشهور وهو أنه قد أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢)، وقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم
(٢) سورة آل عمران، الآية ١٨٨.