الزركشي (١) - أنه قد يحدث سبب من سؤال أو حادثة تقتضي نزول آية، وقد نزل قبل ذلك ما يتضمنها، فتؤدّى تلك الآية بعينها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، تذكيرا لهم بها، وبأنها تتضمّن هذه».
عموم اللفظ وخصوص السبب:
هذه قضية أصولية من قواعد أصول الفقه، كما أنها من أصول التفسير الهامة، تضبط كيفية تفسير السبب للنص ضبطا يزيل التوهم الفاسد.
فالسبب الخاص قد ينزل فيه نص خاص بموضوع السبب، وقد ينزل نص عام الصيغة.
١ - أما إن كان النص النازل خاصا بالسبب، ولا عموم للفظه
فإن الآية حينئذ تقتصر عليه قطعا (٢).
مثال ذلك قوله تعالى في سورة الليل: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى.
هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق بالإجماع، ومن هنا استدل بها الإمام فخر الدين الرازي مع قوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ على أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما من ظنّ أنها عامة في كل من عمل عمله فهذا غلط منه، لأن هذه الآية ليس فيها صيغة عموم حتى نطبق عليها قاعدة: «العبرة لعموم اللفظ»، بل إن «ال» في الأتقى للعهد، يؤكد ذلك أن «ال»، الموصولة التي تفيد العموم لا توصل بأفعل التفضيل إجماعا، والأتقى ليست جمعا، بل هو مفرد، والعهد موجود، خصوصا مع ما يفيده أفعل التفضيل من التمييز وقطع المشاركة، فبطل القول بالعموم وتعين القطع بالخصوص، والقصر على من نزلت فيه رضي الله تعالى عنه.
(٢) الإتقان ج ١ ص ٣٠.