قال حسين الرجراجي (ت ٨٩٩ هـ): «إذ لا حجة بالمصاحف الموجودة بين أيدينا اليوم، وإنما الحجة بالمصاحف القديمة التي كتبها الصحابة رضي الله عنهم، وهي التي اطلع عليها أبو عمرو الداني، وأبو داود وغيرهما من الشيوخ المقتدى بهم في هذا الشأن» (١).
فهذه شهادة من عالم بالرسم بأن أبا داود حجة في هجاء المصاحف.
ثم إنه اشتمل على موضوعات إلى جانب هجاء المصاحف كبيان السور المكية والمدنية، وعد الآي والقراءات، والأجزاء والأحزاب، وكل ما يحتاج إليه نساخ المصاحف.
ثم إن منهجه الفريد الذي اتبعه في وصف هجاء المصاحف على نسق المصحف الشريف يسهل الرجوع إلى موضوع الكلمة القرآنية في موضعها من السورة.
ثم إن دقته في وصف هذه الأحرف القرآنية بالعد والوزن والتقطيع لم تعهد عند غيره. فدوّن المؤلف في كتابه هذا وصفا دقيقا لطريقة رسم الكلمات كما وردت في مصاحف الأمصار، فاستوعب فيه الرسم استيعابا لا مثيل له.
ثم منهجه الفريد الذي لاحظته وأنا بصدد قراءته لمست فيه ميزة لم تعهد عند غيره، فالمؤلف كلما ذكر تعليلا للقراءة أو توجيها للرسم، فإنه يردفه، ويعقب عليه بقوله: «هذا مع اتباعه من قرأ عليه» إشعارا منه بأن التعليل والتوجيه لا معول عليه، فهو تابع للرواية والنقل والسماع، وإن كان يوافق ذلك وجها في العربية فصيحا أو أفصح.

(١) انظر: تنبيه العطشان ورقة ١٤٦.


الصفحة التالية
Icon