مقدمة التحقيق
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على خير البرية، خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن القرآن الكريم هو الذكر الحكيم، والنور المبين، تكفل الله عز وجل بحفظه فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١).
وكان من أسباب حفظه أن قيض له رجالا مخلصين صادقين، من عهد النبوة إلى يوم يرجعون.
تلقاه الرعيل الأول منهم عن المصطفى ﷺ بحفظ دقيق وفهم عميق، ثم جاء من بعدهم خلف صالح عنوا بقراءاته ورواياته، فبرز فيهم أئمة أعلام أجهدوا أنفسهم، ودأبوا ليل نهار في تلقيها وتلقينها، ودراستها وتدريسها، فنسبت إليهم نسبة تمييز لا نسبة إنشاء. أكرمهم الله تعالى بذخر في الآخرة لا يبيد، وبذكر في الدنيا لا يزول، سجلته كتب التاريخ وحفظته دواوين الطبقات.
وكتابنا هذا واحد من أهم الكتب في معرفة القراء وأسانيدهم، ألفه أمين الدين أبو محمد عبد الوهاب بن السّلّار، شيخ قراء دمشق في عصره، صاحب ابن تيمية، وأول أستاذ انتفع به الشيخ شمس الدين بن الجزري الشهير.
استهله مؤلفه بجملة من الأحاديث والآثار، تحث على تعلم القرآن وتعليمه، وتحذر من عاقبة هجره ومخالفة أمره.