به، وبحكم أنهم كانوا ينتظرون بعثته، ويطلبون أن ينصرهم الله به على من عاداهم.
وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (البقرة: ٨٩) إلى آخر الآية، ولكن إذا خلا بعضهم إلى بعض عاتبوهم على ما أفضوا للمسلمين من صحة رسالة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ومِن معرفتهم بحقيقة بعثته -صلى الله عليه وسلم- مِن كتابهم.
فقال بعضهم لبعض: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم، فتكون لهم الحجة عليكم، وهنا تدركهم ضيعتهم المحجبة عن معرفة صفة الله وحقيقة علمه، فيتصورون أن الله لا يأخذ عليهم الحجة إلا أن يقولوها بأفواههم للمسلمين، أما إذا كتموا وسكتوا فلن تكون لله عليهم حجة، وأعجب العجب أن يقول بعضهم لبعض في هذا: ﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ (البقرة: ٧٦)، ومن ثم يعجب السياق من تصورهم هذا. قال تعالى: ﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ (البقرة: ٧٧).
زعم اليهود بأن المؤمنين بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس لهم في الآخرة نصيب، والرد عليهم:
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ﴾ (البقرة: ٩٤ - ٩٦).
هذه الدعوى تتضمن أن المؤمنين بسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- لا نصيب لهم في الآخرة، والهدف الأول هو زعزعة ثقتهم بدينهم وبوعود رسوله ووعود القرآن الكريم، فأمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو اليهود إلى مباهلة؛ بأن يقف الفريقان ويدعوا الله بهلاك الكاذب منهما. قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon