بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني(التوحيد (٢))
(أوجه استعمال الربوبية والألوهية في القرآن، وشمولية عقيدة التوحيد)
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
استعمالات الوصفين: الربوبية والألوهية في القرآن الكريم.
أ- القرآن الكريم يورد هذين الوصفين على أربعة وجوه:
الوجه الأول: استعمال اللفظ في معناه الخاص به فقط. مثال الربوبية قول الله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ (العلق: ١) فالخلق من أخص معاني الربوبية، لذلك وقع صلة للموصول الذي وُصف به الربّ تحديدًا للمعنى المراد بالرب هنا.
مثال الألوهية قوله تعالى: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ (طه: ١٤) فالإله هنا بمعنى المعبود، والمعنى: لا معبود بحق سواي، فخصني أيها العبد بالعبادة.
الوجه الثاني: استعمال كل لفظ منهما في معناه الخاص به مع جمعهما في مكان واحد. قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ (الرعد: ٣٠) أي: هو ربي خالقي ومالكي ورازقي... إلى آخره. ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ أي: هو المعبود الذي لا معبود سواه. فكل لفظ أفاد معناه الخاص به، وجمع بينهما لبيان حقيقة التوحيد الجامعة للمعنيين جميعًا، لذلك جاءت آيات أخرى تبين المعنى المقصود عقب كل لفظ منهما.
مثل قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ (غافر: ٦٢) فالخلق متصل بمعنى الرب، واستنكار الانصراف عن عبادته متصل بمعنى الإله الحق.
وقد جاء المعنيان صراحة في قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ﴾ (الأنعام: ١٠٢) إذ الخلق عائد إلى معنى الرب، والأمر بالعبادة عائد إلى معنى الإله، على الترتيب الواقع في صدر الآية الكريمة.