والدعاء والنذر والطواف والذكر، والطاعة في شئون الحياة، أي: في تشريعات الحلال والحرام، فالتوحيد ليس كقضية كلامية أو جدلية، وإنما هو التزام شامل بدين الله تعالى في كل نواحي الحياة الإنسانية.
لذلك قص الله علينا في القرآن الكريم كيف جعل الرسل جميعًا على رأس دعوتهم: اجتناب الطواغيت، التي تُعبد من دون الله، خاصة في أمر الشرائع والأحكام. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ (النحل: ٣٦).
ولذلك جعل الرسل جميعًا مدخلهم إلى تغيير حياة أهل الجاهليات هو التوحيد؛ لأن التوحيد يعني ردّ الحكم والتشريع إلى الله تعالى في العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات، فإذا فعل الناس ذلك سهل تغيير ما هم عليه من فساد وضلال.
يقول تعالى على لسان شعيب -عليه السلام-: ﴿قَالَ يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ﴾ (هود: ٨٤) فالآية الكريمة ترتب على التوحيد وجوب الالتزام بشريعة الله في التجارة والتصرفات المالية.
ويقول صالح -عليه السلام- لقومه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ (الشعراء: ١٥٢) فقد رتب النهي عن طاعة أوامر الزعماء الضالين على تقوى الله، وطاعة الشرع الذي جاءهم به -عليه السلام- من عند الله.
ويقول تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ (الأنعام: ١٥١).