منصفًا. ومن ذلك قوله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ﴾ (الأنعام: ١٠١).
فحيث تقرر الآية أن الولد لا يكون من غير أم، فقد بنى القرآن على هذه الحقيقة المسلَّمة دليل بطلان ما نسبوه إليه من الولد؛ لأنه ليس له صاحبة، فمِن أين يأتي الولد؟! والدليل كما ترى سهل واضح، يشبه الدليل الحسي في كونه يدل على المطلوب مباشرة، ولا يحتاج إلى مقدمات تنظم على وجه مخصوص، ولا بد من دليل على النظري منه، وغير ذلك من التعقيدات التي تصرف الذهن عن المطلوب الأصلي، بكثرة الوسائط، والاشتغال بالمقدمات، والاستدلال عليها، ثم على نتائجها أحيانًا.
ثانيًا: دليل التمانع: وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (الأنبياء: ٢٢).
وتقرير هذا الدليل أن يُقال: لو كان للعالم صانعان لكان تدبيرهما لا يجري على نظام، ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما؛ وذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد الآخر إماتته، فحينئذٍ إما أن تنفذ إرادتهما معًا، فيتناقض النظام لاجتماع الضدين. وإما ألا تنفذ إرادتهما معًا، فيؤدي إلى عجزهما، أو لا تنفذ إرادة أحدهما، فيؤدي إلى عجزه، والإله لا يكون عاجزًا، فبطل ما أدى إليه، وهو افتراض التعدد، وثبت نقيضه وهو الوحدانية.
ثالثًا: دليل التسليم: وهو الذي يُسلَّم فيه بوقوع المستحيل جدليًّا، ثم يستدل على عدم فائدة هذا المحال على تقدير وقوعه. ومثاله قوله تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (المؤمنون: ٩١).