وقال -صلى الله عليه وسلم- في آخر الحديث: ((يا عمر، أتدري مَن السائل؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) رواه مسلم في باب الإيمان.
ولا يتم التوحيد والاعتراف بالربوبية إلا بالإيمان بصفاته تعالى، فإن من زعم خالقًا غير الله فقد أشرك، فكيف بمن يزعم أن كل أحد يخلق فعله؟! ولهذا كانت القدرية مجوس هذه الأمة. عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "القدرية مجوسُ هذه الأمة، إن مَرِضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم" أخرجه أبو داود في السنة باب القدر.
وروى أبو داود أيضًا عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لكل أمة مجوسٌ، ومجوسُ هذه الأمة الذين يقولون: لا قدرَ، من مات منهم فلا تَشهدوا جنازته، ومن مرض منهم فلا تعودوهم، وهم شيعة الدجال، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال" وروى أبو داود أيضًا عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تجالسوا أهلَ القدر ولا تفاتحوهم" أخرجه أبو داود.
وروى الترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صِنفان من بني آدم ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة والقدرية" أخرجه الترمذي في القدر، باب ما جاء في القدريين.
لكن كل أحاديث القدرية المرفوعة ضعيفة، وإنما يصح الموقوف منها، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "القدر نظام التوحيد، فَمَن وحد الله وكذب بالقدر نقض تكذيبه توحيدَه". هذا في (شرح السنة)، وكذلك أحمد في (السنة).
وهذا لأن الإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بعلم الله القديم، وما أظهر من علمه بخطابه وكتابه مقادير الخلائق، وقد ضل في هذا الموضع خلائق من المشركين والصابئين والفلاسفة، وغيرهم ممن ينكر علمه بالجزئيات أو بغير ذلك، فإن ذلك


الصفحة التالية
Icon