النبي -صلى الله عليه وسلم-: قد سألتِ الله لآجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئًا قبل حله، ولن يؤخر شيئًا عن حله، ولو كنتِ سألت اللهَ أن يعيذك من عذاب في النار وعذاب في القبر كان خيرًا وأفضلَ)) الحديث في مسلم في القدر، باب بيان أن الآجال والأرزاق لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر.
فالمقتول ميت بأجله، فعلم الله تعالى وقدر وقضى أن هذا يموت بسبب المرض، وهذا بسبب القتل، وهذا بسبب الهدم، وهذا بالحرق، وهذا بالغرق، إلى غير ذلك من الأسباب، والله سبحانه خلق الموت والحياة، وخلق سبب الموت والحياة. وعند المعتزلة المقتول مقطوع عليه أجله، ولو لم يقتل لعاش إلى أجله فكان له أجلان، وهذا باطل؛ لأنه لا يليق أن ينسب إلى الله تعالى أنه جعل له أجلًا يعلم أنه لا يعيش إليه ألبتة، أو يجعل أجله أحد الأمرين، كفعل الجاهل بالعواقب، ووجوب القصاص والضمان على القاتل، لارتكابه المنهي عنه ومباشرته السبب المحظور.
وعلى هذا يخرج قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلة الرحم تزيد في العمر)) أي: هي سبب طول العمر، وقد قدر الله أن هذا يصل رحمه، فيعيش بهذا السبب إلى هذه الغاية، ولولا ذلك السبب لم يصل إلى هذه الغاية، ولكن قدر هذا السبب وقضاه، وكذلك قدر أن هذا يقطع رحمه فيعيش إلى كذا كما حدث ذلك عند الحديث في القتل وعدمه.
فإن قيل: هل يلزم من تأثير صلة الرحم في زيادة العمر ونقصانه تأثير الدعاء في ذلك أم لا؟
الجواب: أن ذلك غير لازم لقوله -صلى الله عليه وسلم- لأم حبيبة -رضي الله عنها-: ((قد سألت الله تعالى لآجال مضروبة)) الحديث. فعلم أن الأعمار مقدرة لم يشرع الدعاء بتغييرها


الصفحة التالية
Icon