لهم بالخلود، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا﴾ (الإسراء: ٨٦) وقوله تعالى: ﴿قُل لَّوْ شَاء اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ﴾ (يونس: ١٦) وقوله تعالى: ﴿فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ﴾ (الشورى: ٢٤).
ونظائر ذلك كثيرة في القرآن الكريم، يخبر عباده سبحانه أن الأمور كلها بمشيئته، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. وقيل: إن "ما" بمعنى مَن، أي: إلا مَن شاء الله دخوله النار بذنوبه من السعداء، وقيل غير ذلك. وهذه الأقوال متقاربة، ويمكن الجمع بينها بأن يقال: أخبر سبحانه عن خلودهم في الجنة في كل وقتٍ إلا وقتًا يشاء ألا يكونوا فيها، وذلك يتناول وقت كونهم في الدنيا، وفي البرزخ، وفي موقف القيامة، وعلى الصراط، وكون بعضهم في النار مدة.
وقد أكد الله خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القرآن الكريم وأخبر أنهم ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلَّا الْمَوْتَةَ الأُولَى﴾ (الدخان: ٥٦) وهذا الاستثناء منقطع، وإذا ضممتَه إلى الاستثناء في قوله تعالى: ﴿إلَّا مَا شَاء رَبُّكَ﴾ (هود: ١٠٧) تبين لك المراد من الآيتين، واستثناء الوقت الذي لم يكونوا فيه في الجنة من مدة الخلود كاستثناء الموتة الأولى من جملة الموت، فهذه موتة تقدمت على حياتهم الأبدية، وذاك مفارقة للجنة تقدمت على خلودهم فيها.
والأدلة من السنة على أبدية الجنة ودوامها كثيرة:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت)) أخرجه مسلم بلفظ: ((مَن يدخل الجنةَ ينعم ولا يبأس، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه)).