لا يقتضي إضرابًا، وهو أو وأم، فإذا خرج إلى الإضراب خرج عن العطف، والقسم الثاني هو الذي يقتضي التشريك في اللفظ دون المعنى، فيثبت لما بعده ما انتفى عما قبله، وذلك بل ولكن، أو يثبت لما قبله ما انتفى عما بعده، وذلك لا وليس. الخلاصة أنهم يذكرون في عد هذه الحروف أنها عشرة أحرف يؤتى بها للعطف. أكد المفسرون أن المفسر لابد أن يكون عالمًا بمعاني هذه الأدوات وبمعاني الحروف، قبل أن يتحدث في كتاب الله -سبحانه وتعالى.
الواو يقولون: إنها لمطلق الجمع، فتعطف لاحقًا على سابق كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ﴾ (الحديد: ٢٦) فإبراهيم -عليه السلام- لاحق لنوح -عليه السلام- أو تعطف سابقًا على لاحق كقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ﴾ (الشورى: ٣) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لاحق للأنبياء الذين أرسلوا قبله -صلوات الله وسلامه عليه- ومن بديع اجتماع الشيئين قوله تعالى: ﴿وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ (الأحزاب: ٧)، فبدأ المولى -سبحانه وتعالى- بذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم أتى بنوح -عليه السلام- وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم -عليهم السلام- فاجتمع عطف اللاحق على السابق وعطف السابق على اللاحق.
و"أو" أنها تعطف متصاحبين؛ أي ليس فيهما سابق ولا لاحق، كقوله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ﴾ (العنكبوت: ١٥) أهم ما يميز هذه الواو أنها لا تقتضي الترتيب بين المتعاطفين قال تعالى: ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ (آل عمران: ٤٣) ويستدل أهل الفصاحة والبلاغة بقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ (الأعراف: ١٦١) وجاء في موضع: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ (البقرة: ٥٨) فلا يصلح إلا الواو في هذا الوضع دون أحرف العطف، فلا يقال: فادخلوا أو فقولوا أو ثم ادخلوا أو ثم قولوا، إنما عطف بالواو دون غيرها في الموضعين.