ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} (الغاشية: ٢٥، ٢٦)، وقال -سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا﴾ (الأعلى: ١٢، ١٣) فالترجح بين الموت والحياة أفظع من إصلاء الجحيم - والعياذ بالله.
حتى:
و"حتى" لم ترد عاطفةً في كتاب الله -سبحانه وتعالى- ومن الجميل أن فريقًا من النحاة لا يثبتون حتى من الحروف العاطفة. بعد ذلك نأتي لـ "أو وأم"؛ "أو": إما أن تقع بعد الطلب أو تقع بعد الخبر؛ فإن وقعت بعد الطلب تفيد إما التخيير أو الإباحة، وإن وقعت بعد الخبر تفيد الشك ومعان أخرى، انظر إلى قوله تعالى: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ (التوبة: ٨٠)، وقوله -سبحانه وتعالى: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ (النساء: ٨٦)، وقوله -سبحانه وتعالى: ﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ (النساء: ٧١) لو نظرت في الآيات الكريمة تجد امتناع الجمع بين الشيئين؛ بين الاستغفار وعدمه وبين التحية بأحسن أو مجرد الرد وبين النفور: ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ (النساء: ٧١) متفرقين أو مجتمعين.
فهناك فرق بين التجمع والافتراق؛ فلذلك قالوا: تدل على التخيير إذا امتنع الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، ومثّلوا له بقولهم: تزوج زينب أو أختها، فلا يجوز أن تجمع بين الأختين، وقالوا: إذا جاز الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، فهي تدل على الإباحة، ويمثّلون له بقولهم: جالس العلماء أو الزهاد،


الصفحة التالية
Icon