أو أن تكون مسبوقة باستفهام بغير الهمزة، قال تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ﴾ (الرعد: ١٦).
ومعنى أم المنقطعة الذي لا يفارقها هو الإضراب، فهي تفيد الإضراب، كقوله تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ﴾ (الرعد: ١٦) فإذا تأملت الآية الكريمة تجد في قوله تعالى: ﴿أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ﴾ في معنى: بل هل تستوي الظلمات والنور و ﴿أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ﴾ بل جعلوا لله شركاء لأنهم اعتقدوا هذا الاعتقاد الباطل، والله -سبحانه وتعالى- يخبرهم عن تصوير الإيمان والكفر بالظلمات والنور والأعمى والبصير، أو أن تكون متضمنة لمعنى الاستفهام الإنكاري، قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾ (الطور: ٣٩) فالتقدير: بل أله البنات ولكم البنون؟ هذا بالنسبة لـ "أم" ويشار إلى أنها قد ترد محتملة للاتصال والانقطاع، ويُستدل لذلك بقوله تعالى: ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: ٨٠) فيجوز في "أم" أن تكون معادلة، بمعنى أي الأمرين كائن على سبيل التقرير لحصول العلم بكون أحدهما، ويجوز أن تكون منقطعة كذلك.
بعد ذلك عندنا الحرف "بل":
و"بل" من الحروف التي لا يجزم باستخدامها عاطفة في كتاب الله -سبحانه وتعالى- فابن مالك يرى أنها وقعت في قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ (الأعلى: ١٤ - ١٦)، وفي قوله تعالى: ﴿وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ﴾ (المؤمنون: ٦٢، ٦٣) وأنكر ابن هشام