كذلك استُخْدم حرف النداء مع غير العاقل كثيرا في القرآن الكريم إما على سبيل المجاز، وإما على أن الله سبحانه وتعالى يخلق في هذه المخلوقات ما يجعلها تفهم خطابه سبحانه وتعالى، كقوله تعالى: ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾ (سبأ: ١٠) ﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيم﴾ (الأنبياء: ٦٩) ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي﴾ (هود: ٤٤).
كذلك يكثر حذف حرف النداء بدلالة السياق كقوله تعالى: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ (يوسف: ٢٩) وقوله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَن﴾ (الرحمن: ٣١) وقوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾ (النور: ٣١) وقد اجتمع الحذف مع أيها ومع العلم، في قوله تعالى: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ (يوسف: ٤٦) ومما أشار إليه أيضًا أن حرف "يا" إذا وليه "ليت" أو وليه فعل كقراءة: "ألا يا اسجدوا" في سورة النمل أن حرف "يا" في هذه الحالة يكون للتنبيه على الصحيح، وليس للنداء.
يشير -رحمه الله- إلى الخلاف الواقع في هذه المسألة في نحو قوله تعالى: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُون﴾ (يس: ٢٦) ﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ (الفجر: ٢٤) وقراءة "ألا يا اسجدوا" فهنا للنحاة مذهبان أو لأهل التوجيه الآية مذهبان:
المذهب الأول: أن هناك نداء محذوف، ودخل عليه حرف النداء؛ لأن حرف النداء يختص بالاسم.
المذهب الثاني: أن "يا" هنا ليست للنداء، وإنما هي للتنبيه. وهو المذهب الذي اختاره الشيخ وعليه المحققون من المتأخرين.
بقي أن يُشار أو أن نتحدث في النداء على أشياء يستشفها المرء من استخدامات حرف النداء مثال: