إذا رأيت سياق الآيات في سورة القصص يتبين لك أن الرجل ينادي على موسى عليه السلام، ويُرشده إلى الخروج قبل أن يصيبه الضرر من فرعون وقومه.
هذا بالإضافة إلى النظر لاستخدامات هذا الحرف في القرآن الكريم، تبين لك أنه حرف يسد مسد سائر حروف النداء؛ حتى الخلاف المعلوم في وضع الندبة أنها تختص بها "وا" دون غيرها كقولنا: "وا عمراه" "وا أسفاه" "وا حسرتاه" إلى آخره تجد أنها جاءت في القرآن الكريم: ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ﴾ (الزُّمَر: ٥٦) فهذا الاستخدام أيضًا يرجح من ذهب إلى استخدام غير "وا" في الندبة بدلالة السياق؛ فهو يتحسر على نفسه. نكتفي بهذا المقدار في الكلام عن حروف النداء.
حروف النفي
وننتقل إلى حروف النفي:
حروف النفي ستة: يشترك اثنان في نفي الحال، وهما: "ما، وإن" واثنان في نفي المستقبل وهما: "لا، ولن"، واثنان في نفي الماضي وهما: "لم ولما"، هذا التقسيم الذي اختاره صاحب التخمير، أو شارح المفصل للزمخشري، وكما معلوم أن تقسيم هذه الحروف إلى أبوابها هو يعتبر ما تفرد به الزمخشري في تقسيمه في (المفصل) لحروف المعاني؛ بخلاف ما قَسّم أصحاب كتب الحروف عندما وزعوها تبعًا لحروفها وتركيبها: أحادية، وثنائية، وثلاثية، ورباعية. أو تبعًا لحروف المعجم: الهمزة المفردة، ثم الهمزة مع حرف آخر، ثم الباء هكذا إلى نهاية حروف المعجم.
فما قسم أحد هذا التقسيم تبعًا للأبواب إلا الزمخشري في مفصله، مما يدل على حاسته البلاغية، وحِسّه اللغوي في تقسيم الحروف بأنها تنسب لبابها؛ فاختار


الصفحة التالية
Icon