هذا التقسيم، وكان لمن بعده آراء مع هذا التقسيم؛ لكن أولًا نقف مع الفروق بين هذه الحروف التي تشترك في معنى، أي: "لم، ولما" يشتركان معًا في نفي الفعل المضارع، وقلب زمنه إلى الماضي.
فعندما نقول: "لم يحضر" فقد نفينا حضوره، و"لما يحضر" كذلك ننفي حضوره، فما الفرق إذًا بين لم ولما؟ يوجز الفرق بينهما في هذه العبارة الدقيقة: أن لم لنفي فعل، ولما لنفي قد فعل. أي: عندما يقال لك: هل حضر محمد؟ تقول: لم يحضر. وإذا قيل لك: قد حضر محمد وأردت النفي قلت: لما يحضر محمد. أي: لما يحضر بعد محمد، فهذا ما فرق به بإيجاز بين لم ولما.
وتفصيل ذلك ذكرها البعض بأن بينها فروق تتركز في الآتي:
- أنّ "لم" تقترن بأداة الشرط، و"لما" لا تقترن بأداة الشرط، قال تعالى: ﴿وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ﴾ (المائدة: ٧٣) وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ (المائدة: ٦٧) ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ﴾ فاقترنت لم بإن، ولا تقترن لما بإن فلا يقال: إن لما، كذلك هذا الفرق الأول.
الفرقُ الثاني: أنّ لم تَحْتَمِلُ الاتصال والاستمرار إلى زمن التكلم، وتحتمل الانقطاع قبل زمن التكلم، قال تعالى: ﴿وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ (مريم: ٤) فهذا مستمرٌ إلى حال دعائه -عليه السلام- ربّه، والانقطاع كقوله تعالى: ﴿لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا﴾ (الإنسان: ١) أما "لما" فمنفيها مستمر بها إلى الحال، أي: إلى زمن التكلم.